تلا قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الأحد صلاة التبشير الملائكي مع المؤمنين والحجاج المحتشدين في ساحة القديس بطرس وقبل الصلاة ألقى الأب الأقدس كلمة قال فيها في إنجيل اليوم، نلتقي مرّة أخرى بيسوع فيما يكلّم الجموع بالأمثال عن ملكوت السماوات. سأتوقف فقط عند المثل الأول، مثل الزؤان الذي من خلاله يكشف لنا يسوع عن صبر الله ويفتح قلبنا على الرجاء.
تابع الأب الأقدس يقول يخبر يسوع أنّ في الحقل الذي زُرع فيه الزرع الطيّب نما أيضًا الزؤان، تعبير يلخِّص جميع الأعشاب الضارة التي تسمم الأرض. فَجاءَ رَبَّ البَيتِ عَبيدُهُ، ليعرفوا من أَينَ أتى الزُّؤان، فقَالَ لَهُم: "أَحَدُ الأَعداءِ فَعَلَ ذَلِك!". فأرادوا أن يذهبوا فورًا ليقتلعوا الزؤان الذي بدأ بالنمو. أما رب البيت فرفض مَخافةَ أَن يقلَعوا القَمحَ فيما يَجمَعونَ الزُّؤان. ولذلك يجب الانتظار إلى يَومِ الحَصاد، وعندها فقط يمكن فصلهما ويتمُّ حرق الزؤان.
أضاف الحبر الأعظم يقول يمكننا أن نقرأ في هذا المثل نظرة للتاريخ. إلى جانب الله – رب الحقل – الذي يزرع على الدوام زرعًا طيّبًا فقط، هناك عدو يزرع الزؤان لكي يعيق نموّ القمح. يتصرّف رب البيت بانفتاح وفي وضح النهار وهدفه هو الحصاد الجيّد؛ أما الآخر، أي العدو، فيستفيد من ظلمة الليل ويعمل يدفعه الحسد والعداوة لكي يدمّر كلّ شيء. إن العدو الذي يشير إليه يسوع يملك اسمًا: إنّه الشيطان، خصم الله بامتياز؛ وهدفه هو إعاقة عمل الخلاص، وأن يعيق ملكوت الله بواسطة العمال الظالمين، وزارعي الفضائح. في الواقع إن الزرع الطيّب والزؤان لا يمثّلان الخير والشرّ بشكل مجرَّد، لا! وإنما يمثلاننا نحن البشر الذين بإمكاننا أن نتبع الله أو الشيطان.
تابع البابا يقول لقد كانت نيّة العبيد إزالة الشرّ فورًا، أي الأشخاص الأشرار ولكن رب البيت كان أكثر حكمة ويتحلّى ببعد نظر: عليهم أن يتعلّموا الانتظار، لأن تحمّل الاضطهادات والعداوة يشكّل جزءًا من الدعوة المسيحية. ينبغي رفض الشر بالتأكيد ولكنّ الأشرار هم اشخاص ينبغي أن نتعامل معهم بصبر. والأمر لا يتعلّق بالتسامح المرائي الذي يخفي الإبهام والغموض وإنما بالعدالة المخففة بالرحمة. وبالتالي فإن كان يسوع قد جاء ليبحث عن الخطأة أكثر من الأبرار وليشفي المرضى قبل أن يشفي الأصحّاء، فينبغي أن يكون عملنا، نحن تلاميذه، موجّه لا لكي نلغي الأشرار وإنما لكي نخلّصهم. وهذا هو الصبر.
أضاف الأب الأقدس يقول يقدّم إنجيل اليوم أسلوبين للعمل والإقامة في التاريخ: نظرة رب البيت من جهة، ونظرة العبيد من جهة أخرى. يدعونا الرب لكي نتبنّى النظرة عينها، تلك التي تحدّق إلى الزرع الطيّب وتعرف كيف تحميه أيضًا بين الأعشاب المضرّة. إن الله لا يتعاون مع من يذهب بحثًا عن محدوديات ونواقص الآخرين وإنما مع من يتعرّف على الخير الذي ينمو بصمت في حقل الكنيسة والتاريخ ويعزّزه إلى أن ينضج. وعندها سيكون الله وحده هو الذي يجازي الصالحين والأشرار. وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول لتساعدنا العذراء مريم لكي نفهم صبر الله ونتشبّه به، هو الذي لا يريد ان يهلك أحد من أبنائه الذين يحبّهم محبّة أبويّة.