طوال السنوات الاثنتين والعشرين التي قضاها مطراناً لم يقتني الا ثلاث بدلات اسقفية.
كانت عنده الليترجيا والرتب الطقسية احتفالا لتمجيد الله تعالى لا "ليتمجد" هو
كان قدوة في الخشوع. فترى طهارة قلبه تفيض من روحانيته على كل من هم معه
لم يُصَب بالجوع للمظاهر. رفض سلوك المنتفخين ونبذ تصرف "الطواويس". جامعاً بين عزة النّفس والبساطة في آن.
كنتُ معاوناً له ونلت الحظوة بأن أكون قريباً منه.
الكهنة هم في رعاياهم أباء ويحتاجون الى مطران أب
لا أنسى أبداً سَوْرةَ غضبِه يومَ جئتُه بجوارب وملابس قطنيّة جديدة، اشتريتها له لمّا رأيتُ ملابسَه البالية على حبل الغسيل ذات صباح! رفض بشدّة أن يأخذها قائلا بلهجته اللبنانية: "يا بَيِّيي .. المعمدان كان صوته عالي من دون ما يلبس ثياب جديدة.
انا يا بييي بفتخر بفقري"
هيبة-دون تكبّر ولين-دون خفة.
قنوعٌ دون تصنّع. لم تكن له حاشية او شلة. كان كهنته وجميع ابناء الابرشية حاشيته.
أتقن العربيّة ولغاتٍ أخرى. لكن تفوّقه كأسقف كان في إجادته لغة الأبوّة بلهجة القداسة.
لم يدّعي "في العلم معرفةً.." فسعى لسماع الرأي والمشورة.
كان معلّماً ومبشراً وواعظاً مفوّهاً. وقبل كل شيء كان مصليّاً محترفاً! أتقن الصلاة !
استخدم سلطان الاسقفية وامتيازاتها للخدمة لا للتسلّط أو للتكسّب
تصرّف كمُدبّر أمينٍ للأبرشية، لا كَمَن له الحقّ في ملكيتها او حيازتها. مقتّرا على نفسه، ومنتبها بصمت لحاجات الآخرين
أحبّ الاردن كبلده لبنان
أحبّ بترا كثيراً (رغم انه في زيارة لها ذات مرة اصيب بكسور عندما سقط عن ظهر حصان)
اظهر اعتزازاّ بكرسيّ عمان وتاريخ فيلادلفيا.
احب الأردنيين، فاحبّه الأردنيّون المسلمون كما المسيحيون
أحبّه الامراء والعلماء، الكبراء والبسطاء، المدراء والأجراء، الاغنياء والفقراء
احبّ الهاشميين، فاحترموا أسقفيّتَه ووقاره وتقواه، فوقّروه واكرموه.
*
في الليلة الظلماء يُفتقد البدر
والصّديقون بُدورٌ تُفتقد ويدومُ ذكرُهم إلى الأبد
إنه ال"كيريوس" ، حقّاً لا لقباً، المثلّث الرحمات سابا يواكيم الذي عرفناه فأحببناه
نحن أحببناه لأنه كان المطران القدّيس
هذه شهادتي (كإبنٍ) عاونَ وعاينَ
"وَالَّذِي عَايَنَ شَهِدَ، وَشَهَادَتُهُ حَقٌ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ لِتُؤْمِنُوا أَنْتُمْ