أنت هنا
القائمة:
الفاتيكان نيوز
وجّه قداسة البابا فرنسيس ظهر اليوم الاثنين رسالة إلى صحافيي "مجلات الشوارع" و"صحافة المشرّدين"، كتب فيها إن حياة ملايين الأشخاص في عالمنا هي عرضة للعديد من التحديات الصعبة ويرهقها الوباء، وقد تغيّرت وتتعرّض لمحنة قاسية. وهناك خطر بأن يدفع الأشخاص الأشد ضعفًا وغير المرئيين والمشرّدون الثمن الأكبر.
تابع الأب الأقدس يقول أرغب في أن أحيي عالم صحف الشوارع ولاسيما الذين يبيعون هذه الصحف والذين هم بمعظمهم مشرّدون أو أشخاص مهمّشون وعاطلون عن العمل: آلاف الأشخاص في مختلف أنحاء العالم يعيشون ويعملون بفضل بيع هذه الصحف والمجلات الرائعة.
أضاف الأب الأقدس يقول أفكّر على صعيد إيطاليا بالخبرة الجميلة لمجلّة "Scarp de’ tenis" مشروع كاريتاس الذي يسمح لأكثر من مائة وثلاثين شخصًا يعيشون في صعوبات من الحصول على دخل وعلى حقوق المواطن الأساسية. وليس فقط. أفكّر أيضًا بخبرة أكثر من مائة صحيفة ومجلّة في جميع أنحاء العالم، تصدر في خمسة وثلاثين بلدًا وبخمس وعشرين لغة مختلفة وتؤمِّن العمل والمدخول لأكثر من عشرين ألف وخمسمائة مشرّد في العالم. منذ أسابيع عديدة توقّف بيع مجلات وصحف الشوارع وبقي بائعيها من دون عمل. أريد أن أعبّر عن قربي من الصحافيين والمتطوّعين والأشخاص الذين يعيشون بفضل هذه المشاريع والذين خلال هذه المرحلة يبذلون أقصى جهودهم من خلال أفكار مبدعة وحديثة. إنّ الوباء قد جعل عملكم صعبًا ولكنني واثق من أنَّ شبكة مجلات وصحف الشوارع في العالم ستعود أقوى من قبل.
وختم البابا فرنسيس رسالته بالقول يمكن للنظر إلى الفقراء خلال هذه الأيام أن يساعدنا جميعًا لكي نعي حقيقة ما يحصل فعلاً وحقيقة وضعنا. إليكم جميعًا أتوّجه برسالة تشجيع وصداقة أخويّة. أشكركم على العمل الذي تقومون به وعلى المعلومات التي تقدمونها وقصص الرجاء التي تخبرونها.
تجدر الإشارة إلى أن البابا فرنسيس قد أظهر على الدوام اهتمامًا خاصًا بصحف الشوارع، ومنذ بدء حبريّته أجرى مقابلات مع ثلاث منها؛ كانت المقابلة الأولى في السابع والعشرين من تشرين الأول أكتوبر عام ٢٠١٥ إذ أجاب على أسئلة الصحيفة الهولندية "Straatnieuws". لقاء عاد فيه الأب الأقدس مرارًا إلى ذكريات طفولته في الأرجنتين والحياة اليومية في حاضرة الفاتيكان. وإذ سُئل عن إصراره حول مواضيع المهمّشين والمهاجرين واللاجئين أكّد البابا قائلاً: "يجب أن أستمر في التحدث عن الأمور كما هي"، وتحدّث عن واجب يشعر به وعن الرغبة في عالم بدون فقراء والذي لكي نتمكّن من تحقيقه من الضروري أن نكافح على الدوام لكي نؤمن للجميع العمل والبيت والأرض. وأضاف على الكنيسة أن تتحدث بالحقيقة والشهادة: شهادة الفقر، فإن كان أحد المؤمنين يتحدّث عن الفقر أو عن المشرّدين ويعيش حياة ملوك فهذا أمر غير مقبول.
أما المقابلة الثانية فتعود إلى شهر شباط من عام ٢٠١٧، قبل زيارته الراعوية الأولى إلى ميلانو وهي مقابلته مع "Scarp de’ tenis" صحيفة شوارع ولدت في ميلانو عام ١۹۹٤. وقد تمحور اللقاء حول موضوع الاستقبال الذي وبالنسبة للبابا فرنسيس ينبغي أن يرتبط ويسير مع الإدماج وشرح الأب الأقدس في هذا السياق أننا نجد التضامن بين الفقراء لأنّهم يشعرون بحاجتهم لبعضهم البعض؛ ولكن هناك أيضًا أسلوب في تقديم المساعدة لهم، يمكننا أن نرى المشرّد وننظر إليه كشخص ونساعده أو يمكننا أن ننظر إليه كما ولو كان كلبًا. وذكّر البابا في هذا الإطار كم هو صعب علينا أن نضع أنفسنا مكان الآخرين ولكن إن تمكّنا من فعل ذلك فهذا الأمر سيمنحنا قدرة كبيرة على التفهّم وعلى فهم اللحظة والأوضاع الصعبة. وقال غالبًا ولكي نخفي نقص البشريّة هذا نبدأ بتكثير الكلام وتقديم النصائح؛ ولكن حيث تكون كثرة الكلام هذه تغيب إمكانية "عظمة" أن نضع أنفسنا مكان الآخرين.
أما المقابلة الثالثة فهي في عام ٢٠١٥ أيضًا مع صحيفة مدن الصفيح في بوينوس آيرس "La Carcova" والتي تُوزّع من قبل متطوّعين لسكان مدن الصفيح الفقيرة في ضواحي العاصمة الأرجنتينية. أسئلة جماعيّة ولدت بشكل عفوي وأعاد صياغتها فيما بعد في بيت القديسة مرتا بالفاتيكان الأب "Pepe" كاهن رعية القديس جوفاني بوسكو، وتمتدّ الأسئلة من السياسة في الأرجنتين وصولاً إلى واقع المخدرات المخيف، ومن إمكانيّة التغيير حتى عندما يكون كلُّ شيء قد انتهى إن أوكل المرء نفسه إلى الله وطلب مساعدة الروح القدس. كذلك توقّف البابا فرنسيس عند مبدا الانتماء إلى بيت وعائلة كإرث يعطى للأبناء الذين ينبغي أن نمسكهم بيدهم ونرافقهم على دروب الإيمان، الوديعة الأهم الذي يمكننا أن نتركها لهم. وطلب من الشباب أن يتبعوا ثلاث دروب لكي يتحوّلوا من "شباب –متاحف" يعرفون كلّ شيء ولكنّهم يبقون في العالم الافتراضي إلى شباب أحياء يشعرون وقال يطيب لي أن أتحدّث عن ثلاث لغات: لغة الرأس ولغة القلب ولغة اليدين. وينبغي أن يكون هناك تناغمًا بين هذه اللغات الثلاثة لكي تفكّر بما تشعر به وتفعله، وتشعر بكل ما تفكر به وتفعله، وتفعل كل ما تفكر به وتشعر به. وهكذا تصبح الحياة ملموسة؛ لأن البقاء على المستوى الافتراضي فقط هو كالعيش في رأس بدون جسد.