أنت هنا

تاريخ النشر: 
الثلاثاء, أبريل 28, 2020 - 08:23

القائمة:

تيلي لوميار/ نورسات
تابع البطريرك المارونيّ الكاردينال مار بشارة بطرس الرّاعي الحديث مساءً خلال التّنشئة المسيحيّة، عن "فرح الإنجيل" للبابا فرنسيس، فقال في هذا السّياق:

"نواصل في زمن القيامة نقل مضمون الإرشاد الرّسوليّ لقداسة البابا فرنسيس "فرح الإنجيل" في أعقاب جمعيّة سينودس الأساقفة بموضوع "إعلان الإنجيل في عالم اليوم" (24 تشرين الثّاني 2013). ما زلنا في المقدّمة.

ثانيًا، فرح التّبشير بالإنجيل العذب والمنشّط (الفقرات 9-13)

1. يتوق الخبر دائمًا إلى أن ينتشر. هكذا الاختبار الحقيقيّ للحقيقة والجمال يعمل دائمًا على انتشاره. والخير عندما يُنشر، يتأصَّل وينمو. من هنا كلمة بولس الرّسول: "الويل لي إن لم أبشّر!" (1كور16:9).

ومن ناحية أخرى، كلّ شخص يعيش التّحرير الدّاخليّ العميق، يحصل على إحساس أكبر بحاجات الآخرين، ويعمل لخيرهم. بهذا المعنى كتب بولس الرّسول: "إنّ محبّة المسيح تستحثّنا" (2كور15:5) (الفقرة 9).

2. إنّ المبشّرين الّذين نالوا أوّلاً فرح المسيح هم القادرون على تمكين عالم اليوم، الباحث حينًا في القلق، وحينًا آخر في الرّجاء، من أن يقبل بشرى الإنجيل (القدّيس البابا بولس السّادس: التّبشير بالإنجيل، 8). حياة المبشّر وبالتّالي نشاطه، تضعف في الانعزال والرّفاهيّة، ولكنّها تزداد عندما تعطى، وتسعى بكلّ جهدها إلى إعطاء الآخرين فرح الحياة ( الفقرة 10).

3. الفرح الجديد في الإيمان، بفضل قبول بشرى الإنجيل، يجد جوهره وينبوعه في الله الّذي أعلن حبّه العظيم في المسيح الّذي مات وقام من بين الأموات. إنّه يجعل المؤمنين دائمًا جددًا، على ما تنبَّأ أشعيا النّبيّ "يتجدّدون قوّة، ويبسطون أجنحتهم كالنّسور، يَعدون ولا يَعيَون، يسيرون ولا يتعبون" (أش31:40).

المسيح هو البشرى الحسنة الأزليّة (رؤ6:14)، و"هو هو أمس واليوم وإلى الابد" (عب8:13). وبالتّالي غناه وجماله لا ينفدان. إنَّه على الدّوام شابّ ومنبع حداثة مستمرّ. وقد "جلب معه في مجيئه كلَّ جديد" (القدّيس إيريناوس). لذا، يمكنه دائمًا بجدَّته، أن يجدّد حياتنا وجماعتنا، مهما مررنا في ظلمات وضعف على مستوى حياتنا الكنسيّة. فهو لا يشيخ أبدًا، وبالتّالي يُفاجئنا دائمًا بابداعه الإلهيّ المستمرّ. وإنَّا ، في كلّ مرّة نسعى للعودة إلى ينبوع رونق الإنجيل الأصيل، تظهر أمامنا سبل جديدة، وأساليب خلاَّقة، وأشكال تعبير أخرى، وعلامات أفصح، وكلمات محمَّلة معنًى متجدِّدًا لعالم اليوم (الفقرة 11).

4. رسالة إعلان الإنجيل، ولو تطلَّبت منّا التزامًا سخيًّا، لا يمكن اعتبارها كمهمَّة شخصيَّة بطوليّة، بل هي قبل كلّ شيء عمل الله. فيسوع هو "أوّل وأعظم مبشّر بالإنجيل" (راجع التّبشير بالإنجيل، 7). في كلّ شكل تبشيرٍ بالإنجيل، الأولويَّة تعود دائمًا إلى الله، الّذي يدعونا إلى التّعاون معه، ويحثّنا على العمل بقوّة روحه. الحداثة الجديدة هي تلك الّتي يريد الله أن يولّدها بطريقة عجيبة، ويوحي بها، ويثيرها، ويوجّهها ويرافقها بطرق لا حدّ لها. المبادرة في حياة الكنيسة تأتي دائمًا منه، "فهو الّذي أحبّنا أوّلاً" (1يو9:4)، و"هو وحده الّذي ينمّي" (1كور7:3). رسالتنا تطلب منّا الكلّ، ولكن في الوقت عينه تمنحنا الكلّ (الفقرة 12).

5. المؤمن هو في الأساس شخص يتذكّر. يعطينا الرّبّ يسوع سرّ الافخارستيّا كذاكرة يوميّة للكنيسة، تُدخلنا دائمًا في السّرّ الفصحيّ، سرّ موت المسيح عن خطايانا، وقيامته لبثّ الحياة الإلهيّة فينا (راجع لو19:22). الإفخارستيّا هي الذّاكرة الشّاكرة الّتي منها ينبع فرح التّبشير بالإنجيل. إنّها نعمةٌ يجب أن نلتمسها دائمًا. لم ينسَ تلميذا يوحنّا لحظة لقائهما بيسوع: "كانت نحو السّاعة العاشرة" (يو39:1). كذلك يجب ألّا ننسى "تلك السّحابة من الشّهود المحيطة بنا، فنبقى ثابتين في الجهاد" (عب1:12)، وأولئك الّذين نشّأونا على الإيمان".