أنت هنا

 
 
ما معنى "حكم الألف سنة في الرؤيا ؟"
 
 
ترجمة وتنسيق المطران يوسف متى

 

كُتب الكثير عن آخر أسفار الكتاب المقدس. فما الصحيح من ما كُتب وما الخاطئ؟
 
 
تُقيم رؤيا يوحنا تمييزاً بين قيامة أولى وثانية وتتحدث عن فترة سلام تمتد ألف عام قبل أن يُفرج عن الشياطين. ونهاية العالم ترتبط بهذا الموضوع حسب القديس يوحنا. والعديد من الناس يربط الموضوع بما يحدث اليوم في حياتنا وفي العالم بشكل عام.... 
 
 
اقدم لكم اجابة لاحد مدرسي اللاهوت. 
 
Stefano Tarucci - ستيفانو تاروتشي.
 
 
رؤيا يوحنا هي آخر أسفار العهد الجديد والكتاب المقدس. ويعني المصطلح اليوناني "الوحي" الذي نزل على يوحنا وهو سجين "بسبب شهادته لكلمة اللّه ويسوع المسيح" في جزيرة باتموس في بحر ايجه قبالة أفسس. شاهد في "يوم الرب" رؤيا فطُلب منه كتابة "ما رأى ويرى وما قد يرى" فكانت رؤيا يوحنا. وتجدر الاشارة بدايةً الى انه من غير الممكن تفسير رؤيا يوحنا دون العودة الى تأويلٍ شفاف للرموز التي تزخر بها (بدءاً بالألوان والأرقام والحيوانات والثياب، إلخ.) إذ هذا ما يميز هذا النمط الادبي الخاص بأزمنة الاضطهاد.
 
 
فإن لم ننطلق من هذا الاساس، قد نُسيء تفسير الرؤيا. فهي لا تعلن عن احداث مستقبلية (خاصةً تلك التي تُنذر بنهاية العالم) بل تهدف الى تحديد الأصول الدينية لتاريخ جماعة تلاميذ المسيح الذين تعرضوا للاضطهاد على يد الذين – فى مجرى احداث تاريخ البشرية – رفضوا انتصارهم على الشر والموت.
 
 
ويُصوّر الكتاب القوى المناهضة للمؤمنين بأشكالٍ مختلفة: فتُصَور مناهضة الوثنية للثالوث من خلال وحشين (رؤيا 13) في حين يُشار الى انتصار المسيح من خلال الخروف القائم وكأنه مذبوح (رؤيا 5، 6)
 
وبعد التهليل والمجد لان عرس الخروف قد جاء (رؤيا 19، 1 – 9)، وقبل إقامة العرس (رؤيا 21، 9 – 27)، تطرق سفر الرؤيا الى حكم الألف سنة. ويُشير النص الذي تحدث عنه القارئ الى رؤية ليوحنا، جاءت حرفياً: "ورأيت ملاكا نازلا من السماء معه مفتاح الهاوية و سلسلة عظيمة على يده. فقبض على التنين الحية القديمة الذي هو ابليس و الشيطان وقيده الف سنة وطرحه في الهاوية واغلق عليه وختم عليه لكي لا يضل الامم في ما بعد حتى تتم الالف سنة و بعد ذلك لا بد ان يحل زمانا يسيرا. ورأيت عروشا فجلسوا عليها و اعطوا حكما ورأيت نفوس الذين قتلوا من اجل شهادة يسوع ومن اجل كلمة الله والذين لم يسجدوا للوحش ولا لصورته ولم يقبلوا السمة على جباههم وعلى ايديهم فعاشوا وملكوا مع المسيح الف سنة.واما بقية الاموات فلم تعش حتى تتم الالف السنة هذه هي القيامة الاولى مبارك ومقدس من له نصيب في القيامة الاولى هؤلاء ليس للموت الثاني سلطان عليهم بل سيكونون كهنة لله والمسيح وسيملكون معه الف سنة. ثم متى تمت الالف السنة يحل الشيطان من سجنه ويخرج ليضل الامم الذين في اربع زوايا الارض جوج و ماجوج ليجمعهم للحرب الذين عددهم مثل رمل البحر."
 
 
وكُتب الكثير عن حكم الألف سنة وأعتقد أنه من الأفضل تفادي التفكير كمياً والتشديد على مدة الألف سنة (فالألف رقمٌ رمزي والمزمور 90 يُشير الى ان انه مدة يوم إلهي) التي يُطلق عليها الكتاب اسم " القيامة الأولى". فأعتقد ان الهدف من النص هو تفسير التاريخ البشري بصورةٍ نبوية حيث يتعايش الخير والشر. إن كانت الإشارة الى الافراج عن الشياطين واستحواذها على الدول مقلقة، فمن الواجب ان نتذكر ان كل واحدٍ يُدان حسب أعماله وان الموت الثاني هو طرح الموت والهاوية في بحيرة النار أي الحصول على الحياة الأبدية و كل من لم يوجد مكتوبا في سفر الحياة طرح في بحيرة النار. |(رؤيا 20، 14 – 15)
 
 
ويصف يوحنا ثمار الخلاص الحقيقية: ففي نهاية زمن البشرية، عندما سيسكن اللّهه مع المسيح وسط البشر بعد الاطاحة بالألم والموت، تظهر سماءٌ وارضٌ جديدة حيثُ يقول "الجالس على العرش ها أنا أصنع كل شيء جديدا." (رؤيا 21، 5)