أنت هنا

فاتيكان نيوز
تاريخ النشر: 
الاثنين, يناير 11, 2021 - 13:50

القائمة:

البطريرك الماروني: نصلّي لكي يمُسّ الله ضمائر المسؤولين السياسيين فيتنازلوا عن كبريائهم ومصالحهم

فاتيكان نيوز

 

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي القداس الإلهي صباح اليوم الأحد العاشر من كانون الثاني يناير في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي وألقى عظة بعنوان "هذا هو حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم" (يو 1: 29)، وقال غبطته "نصلّي معًا الى الله الغنيّ بالرحمة كي يُبدد وباء كورونا ويُحرّر منه كل الكرة الارضية، ويشفي المصابين، رأفةً بالفقراء والعاطلين عن العمل والمقهورين. ونصلّي لكي يمُسّ الله ضمائر المسؤولين السياسيين فيتنازلوا عن كبريائهم ومصالحهم، ويتصالحوا مع شعبهم الذي هو ضحية اهمالهم، ومع السياسة كفنّ شريف لخدمة الخير العام. لكنه فنٌّ يقتضي من المسؤول ان يكون مضحّيًا ومتواضعًا ومتجردًا".
 

استهل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عظته مترئسا قداس الأحد قائلا "غداة معمودية يسوع على يد يوحنا المعمدان، والظهور الالهي الذي أعلن بنوّة يسوع الالهية الازلية، تنبّأ يوحنا عنه شاهدًا :"هذا هو حمل الله الذي يحمل خطيئة العالم"(يو1:29). هذه النبوءة بأنوار الروح القدس، أتت يوحنا المعمدان عندما رأى يسوع متقدّمًا مع الخطأة لينال معمودية التوبة، هو الذي لم يعرف خطيئة شخصية، ولم يكن بحاجة الى توبة. فأدرك يوحنا ان يسوع مشى مع الخطأة لكي يتضامن معهم، ويحمل خطاياهم، ويكفّر عنهم. وهذا ما جرى بموته على الصليب فدىً عن الجميع، وبقيامته من بين الاموات ليبثّ الحياة الالهية في المؤمنين".

ونقلا عن الموقع الإلكتروني للبطريركية المارونية، أشار البطريرك الراعي إلى أنه" عندما نتأمل في وصف القديس بولس الرسول تفاني الرب يسوع في سبيل خلاص العالم وفداء الانسان، بقوله: "تخلّقوا بخلق المسيح الذي، مع انه على مثال الله، لم يعدّ مساواته الله غنيمة، بل أخلى ذاته... وواضع نفسه، واطاع حتى الموت، موتًا على الصليب" (فيل 2 - 5-8)، عندما نتأمل في هذا الكلام وفي هذا الواقع نتساءل: هلّ الحقائب والحصص وتسمية الوزراء أهم وأغلى عند المسؤولين عن تشكيل الحكومة من صرخة أمٍّ لا تعثر على ما تطعم به اولادها، ومن وجع أبٍ لا يجد عملاً ليعيل عائلته، ومن جرح شاب في كرامته لا يملك قسطه المدرسي والجامعي؟ عندما زارنا فخامة رئيس الجمهورية الخميس الماضي اكّدنا معًا وجوب الاسراع في تشكيل حكومة انقاذية غير سياسية تباشر مهمّاتها الاصلاحية، وتكون المدخل لحلّ الازمات السياسية والاقتصادية والمالية والاجتماعية"، وأضاف غبطته "ونتساءل ايضًا: ألا تتلاشى العقبات الداخلية والخارجية أمام إنقاذ مصير لبنان وإحياء دولة المؤسسات؟ ولماذا الاصرار على ربط هذا الانقاذ بلعبة الامم وصراع المحاور؟ ما قيمة حكومةِ اختصاصيّين إذا تمّ القضاءُ على استقلاليّتها وقدراتِها باختيار وزراء حزبيّن وليسوا على مستوى المسؤولية؟ ما قيمةُ الحيادِ والتجرّدِ والشفافية والنزاهة إذا تسلّمَ الحقائب المعنيّة بمكافحة الفساد ومقاضاة الفاسدين وزراءُ يُمثلون قوى سياسيةً؟"

وقال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي "هذه الاسئلة الخطيرة تحملنا على تجديد الدعوة الى فخامة رئيس الجمهورية ودولة الرئيس المكلّف لعقد اجتماع مصالحة شخصية، يجددان فيه الثقة التي تقتضيها مسؤوليتهما العليا، ولا ينهيانه من دون اعلان حكومة، وفقًا لنص الدستور وروحه. من المعيب حقًا، لكي لا أقول جريمة أن يبقى الاختلافُ على اسمٍ من هنا وآخرَ من هناك، وعلى حقيبةٍ من هنا وأُخرى من هناك، وعلى نسبةِ الحصصِ ولعبةِ الأثلاث واضافة الاعداد، فيما تكاد الدولة تسقط نهائيًا، ولسنا ندري لصالح من هذا الانتحار. نحن ندرك ان ثمّة صعوبات تعترض الجهود لتشكيل الحكومة، لكن الصعوبات الكبيرة تستدعي موقفًا بطوليًا. والموقف البطوليّ هنا يَندرج في انقاذ لبنان لان تأليفها هو المدخلُ الالزاميُّ والطبيعيُّ والدستوريُّ لاعادة الحياة اللبنانية الى طبيعتها. ايّها المسؤولون والسياسيّون لكم نقول: استفيدوا من هدوء العاصفة الشعبية لتتفادوا هبوبًا من جديد. فالشعبُ يُمهل ولا يُهمل."

وفي ختام عظته مترئسا قداس الأحد في كنيسة الصرح البطريركي في بكركي، قال البطريرك مار بشارة بطرس الراعي " نرجو ان يجدد اللبنانيون ثقتهم بلبنان "الرسالة والنموذج"، وان تحافظ عليه الجماعة السياسية، وتتفانَ في سبيل انقاذه، لكي تتم فيه كلمة الكتاب المقدّس: "مجد لبنان أُعطي لله" (اشعيا 2:35)، الآب والابن والروح القدس، الان والى الابد، آمين".