أنت هنا

تاريخ النشر: 
الاثنين, سبتمبر 4, 2023 - 13:52
إنها الزيارة الثالثة والأربعين للبابا فرنسيس، وهذه المرة إلى أولانباتار، عاصمة منغوليا. حيث تنتظره الجماعة الكاثوليكية الصغيرة وإنما المتحمسة التي تعيش هنا، والتي يبلغ عددها حوالي 1500 مؤمن. إنَّ البابا فرنسيس هو أول حبر أعظم تطأ قدماه الأراضي المنغولية، وقال إن هناك نعمة في أن نكون ككنيسة قطيعًا صغيرًا. وعبّر البابا فرنسيس عن إحدى خصوصيات الشعب المنغولي الذي يزوره، مشيرا إلى عند الكثافة السكانية المنخفضة في الأراضي الشاسعة، وقال إن الذهاب إلى منغوليا يعني الذهاب إلى شعب صغير في أرض كبيرة. تبدو منغوليا أرضًا لا نهاية لها وسكانها قليلون، شعب صغير (من حيث العدد) ويتمتع بثقافة عظيمة. 
ثم التقى قداسته مع جميع القادة الدينيين في منغوليا في لقاء مسكوني وما بين الأديان. ووجّه كلمة قال فيها اسمحوا لي أن أخاطبكم كأخ في الإيمان مع المؤمنين بالمسيح، وكأخ لكم جميعًا، باسم البحث الديني المشترك والانتماء للبشرية عينها. يمكننا أن نشبه البشرية، في شوقها الديني، إلى جماعة من الرُّحَّل الذين يسيرون على الأرض وأعينهم متجهة نحو السماء، مستحضرة البُعدَين الأساسيين للحياة البشرية: البعد الأرضي، الذي يتكون من العلاقات مع الآخرين، والبعد السماوي، الذي يتكون من البحث عن الآخر، الذي يتخطانا. إذ تذكرنا منغوليا بضرورة أن ننظر جميعًا، حجاجًا ورحَّلاً، إلى الأعلى لكي نجد مسار المسيرة على الأرض.
وأضاف إذا اختار المسؤولون عن الأمم درب اللقاء والحوار مع الآخرين، فسيساهمون بشكل حاسم في إنهاء الصراعات التي لا تزال تسبب الآلام للعديد من الشعوب.
تابع الأب الأقدس يقول إن الأديان مدعوة إلى أن تقدم للعالم هذا الانسجام، الذي لا يستطيع التقدم التقني وحده أن يوفره، لأنه من خلال استهداف البعد الأرضي الأفقي للإنسان، هو يخاطر بنسيان السماء التي خلقنا من أجلها. 
وأكد قداسته على أنه لدى آسيا الكثير لتقدمه في هذا الصدد، ومنغوليا، التي تقع في قلب هذه القارة، تحافظ على إرث عظيم من الحكمة التي ساعدت الأديان المنتشرة هنا في خلقها وأكتفي بأن أذكر، عشرة جوانب من هذا الإرث الحكيم. العلاقة الجيدة مع التقاليد، احترام المسنين والأجداد والعناية بالبيئة، بيتنا المشترك، وقيمة الصمت والحياة الداخلية، الترياق الروحي للعديد من أمراض عالم اليوم. وحسٌّ سليم بالاعتدال؛ قيمة الضيافة؛ القدرة على مقاومة التعلق بالأشياء؛ والتضامن الذي يولد من ثقافة الروابط بين الأشخاص؛ تقدير البساطة. وأخيرًا، نوع من البراغماتية الوجودية التي تسعى بإصرار إلى تحقيق خير الفرد والجماعة. إنها بعض عناصر إرث الحكمة الذي يمكن لهذا البلد أن يقدمه للعالم.
وفي القداس الإلهي قال في الـ "Steppe Arena" في أولانباتار: في الواقع، نحن جميعًا "رُحَّل لله"، حجاج يبحثون عن السعادة، عابرو سبيل متعطشون للحب. وبالتالي فالصحراء تشير إلى حياتنا: نحن تلك الأرض القاحلة العطشى إلى الماء الصافي، ماء يروي عطشنا في العمق. نحن متعطشون للحب، لأن الحب وحده هو الذي يرضينا حقًا، ويفتحنا على الثقة، ويجعلنا نتذوق جمال الحياة. الله، الذي هو محبة، أصبح قريبًا منا في ابنه يسوع، ويريد أن يشاركك حياتك، وتعبك، وأحلامك، وعطشك للسعادة. 
واختتم لنستمر في النمو معًا في الأخوَّة، مثل بذار سلام، سيروا قدمًا بوداعة وبدون خوف، شاعرين بقرب الكنيسة جمعاء وتشجيعها، ولا سيما بالنظرة الحنونة للرب، الذي لا ينسى أحدًا وينظر بمحبة إلى كل واحد من أبنائه". 
في إطار زيارته الرسولية إلى منغوليا توجّه قداسة البابا فرنسيس إلى "بيت الرحمة" في أولانباتار حيث التقى العاملين في مجال الأعمال الخيرية. وقال إنه تعبير ملموس عن العناية بالآخر الذي يُعرف فيه المسيحيون؛ لأنه حيثما يكون هناك استقبال وضيافة وانفتاح على الآخر، يتنشق الإنسان رائحة المسيح الطيبة. 
أضاف البابا يقول لا غنى عن العمل التطوعي، أي الخدمة المجانية والمتجرّدة التي يقرر الأشخاص أن يقدّموها بحرية للذين يعيشون في عوز: لا على أساس تعويض مالي أو أي شكل من أشكال العائد الشخصي، وإنما من أجل محبة القريب الخالصة. 
وختم البابا فرنسيس كلمته بالقول بمعنى آخر، لكي نصنع الخير حقًا، ما لا غنى عنه هو القلب الصالح، المصمِّم على أن يبحث عما هو الأفضل للآخر. إن الالتزام فقط من أجل الأجر ليس حبًا حقيقيًا؛ وحده الحب ينتصر على الأنانية ويجعل العالم يسير قدمًا.