أنت هنا

تاريخ النشر: 
الاثنين, أبريل 20, 2020 - 20:23

 

اللقاء الثالث لسيادة المطران يوسف متى في راديو مريم الناصرة 18.4.2020

تأملات روحية في زمن الخمسين

 

وجه سيادة المطران يوسف متى التهنئة لجميع الرعايا التي احتفلت بالفصح المجيد، والتي تحتفل هذه الأيام بالفصح حسب التقويم الشرقي. ونصلي كي تكون هذه وحدة أسرار، ونكون كما أرادنا السيد المسيح واحدا في المحبة. لأن الله محبة ومن كان في الله كانت المحبة وكان الله فيه. وإض يصادف اليوم سبت النور الشرقي، نأمل أن ينير الله وحدتنا المسيحية، بفكرنا المسيحي بمحبتنا لبعضا بعضا، وليس لوحدتنا المدنية والمادية، وإنما الوحدة المسيحية القائمة على المحبة المتبادلة. 

وأضاف، نحن لا نزال في زمن الخمسين، وهو الفترة من أحد الفصح وحتى زمن العنصرة، مرورا بأحد جميع القديسين، وخميس الجسد، إذ يعيد السيد المسيح ذكرى العشاء الأخير. 

وزمن التجديد، زمن خليقة جديدة تقابلها خليقة قديمة كانت تنتظر هذا الخلاص من الخطيئة. وبالتالي هذا الخلاص يعطينا فيه السيد المسيح الإيمان الحقيقي والفعال، كما حدث في أحد توما، وهذا يعتبر نموذجا لكل واحد منا. لأننا نحن الذين لم نرَ ونؤمن بسبب الشهادات التي تتحدث عنها الكتب المقدسة. والإيمان هو فعل يتخطى الزمان والمكان والعقل الحسي. وهو اختبار شخصي لكل منا. 

والإيمان الموروث أخذنا من آبائنا وأجدادنا، ولكن يبقى بعيدا عن الخبرة الشخصية. والخبرة الشخصية تأتي مع لقائك الذاتي بالسيد المسيح، والذي يتم بالصلة والعلاقة الشخصية، وأن تعيش الفضائل والنعم التي أعطاك إياها عن طريق الكتب المقدسة والكنيسة، حتى تبلغ قيمة حياتك. 

الكنيسة خلال الزمن عدة محطات، وهي تعطينا المفاتيح كي نحقق الإيمان على أرض الواقع، بأعمالنا وحياتنا. وفي الأحد الثالث نعيش مع حاملات الطيب ويوسف ونيقوديموس. هذه شخصيات ذات مميزات معينة إذا أخذنا كل شخصية على انفراد. وهي شخصيات قدوة لنا كي نتحلى بشجاعة الاعتراف بالإيمان. ونحن نأخذ حاملات الطيب وغيرهن من النسوة لأنهن يقمن على خدمة الكلمة، وهو السيد المسيح. وينبغي أن نكون مستعدين للعطاء وخدمة جسد يسوع، الذي هو الكنيسة، ونساعد بعضنا كي نستطيع الخدمة من خلال الآخرين. والآخرون هم الذين يحتاجون للمساعدة بتنمية إيمانهم. وقد رأينا بعض الأشخاص والمؤسسات في الأيام الأخيرة كي يزرعوا البسمة على شفاه العائلات، التي لم تستطع أن تعيش فرحة العيد بسبب الظروف الصحية. 

والنساء عن اللواتي نقلن البشارة إلى التلاميذ والعالم. ويجب الا نغفل عن دور الأم في التربية والتنشئة. وعدم الخوف من إعلان إيمانك بيسوع. ويوسف الذي من الرامة دخل على بيلاطس بكل جرأة وطلب جسد يسوع، وكذلك نيقوديموس آمن بيسوع ووقف في المجمع مع قيافا وحنانيا، واعترض على طريقة حكمهما على يسوع، وبالتالي نحن يجب أن نتحلى بشجاعة الاعتراف بيسوع. حتى التلاميذ هربوا واختبأوا نتيجة ضعفهم البشري، وعلى رأسهم بطرس الذي أنكره نتيجة الخوف. هذا الزمن الخمسين هو زمن المراجعة لتجديد حياتك.

ونأتي إلى قضية أخرى وهي قضية الانتظار، انتظار الموعد الذي قاله يسوع: اسهروا، والسهر لا يعني عدم النوم بل هي مسيرة للصلاة والعيش مع يسوع حتى نبلغ الموعد بعودته يوم الدينونة. والانتظار لعودة يسوع كي يدين الأحياء والأموات، والإنجيل يعطينا بعض الإشارات كمفهوم رمزي، ولا أحد يعلم متى سيكون ذلك إلا الله وحده يعلم. والانتظار مسألة إيجابية لمن يؤمن. وهذا يقودنا إلى السؤال: هل أنا حاضر؟ هل أعي وأعرف ماذا أنتظر؟ لكي أقول له نعم يا رب، تعال أنا مستعد. 

ولننظر إلى مكانة الروح القدس، وانتظار التلاميذ، فبعد قيامة الرب ظهر لهم وأعطاهم الروح ونفخ فيهم، كما نفخ الله في سفر التكوين نسمة حياة في الإنسان. هي نسمة حياة جديدة أعطاها يسوع للتلاميذ، أم هي روح يسوع وقد دخلت فيهم. وقد تكون نفخة قوة جديدة انطلقوا فيها كي يصنعوا العجائب ويشفوا من الأمراض.

والروح القدس هي علامة حضور قوة الله، وعلاقة المحبة بين الاب والابن التي تنبثق من خلال هذا الروح. 

وبهذا المجال يمكننا أن نقول عن انتظار الروح القدس، بالعودة إلى عظة يوحنا فم الذهب، وفيها تأكيد على محبة الله للإنسانية، فيقول: ألا تتردد لأن المائدة، مائدة النعم حافلة، افرحوا وتمتعوا كلكم بوفرة الصلاح، فلا يخرج أحد جائعا، تمتعوا بوليمة الإيمان، ولا داعي كي نتذمر أو نشك ونرتاب، فلا يخشين أحد الموت لن موت الرب خلصنا. ويردد يوحنا ما قاله أشعيا سابقا: اغتاظت الجحيم لأنها لقيتك أسفل، اغتاظت لأنها أبطلت، ولم يعد لها مفعول ولا قوة، لأن يسوع أعطانا هذه القوة فنتحدّى ضعفنا بقوة حياتنا وقيمتها، اغتاظت لأنها قيّدت، اغتاظت لأنها صادفت إلها. أين شوكتك يا موت، أين غلبتك يا جحيم. فلا تخف لأن المسيح بقيامته من بين الموات صار باكورة الراقدين. وهذا ما يقوله يسوع انتظروا هذه القوة حتى تعيشوا بدون خوف. ونحن بحاجة لقوة الروح القدس كي يحلّ علينا، وتصبح كلمة الله كلمة فاعلة بداخلنا، فلا نخف بل ننتظر برجاء ومحبة وثقة.