أنت هنا

تاريخ النشر: 
الأربعاء, مارس 4, 2020 - 13:41

الـ ص التكعيبي "صلاة، صدقة، صوم"

بقلم   الاب نضال قنزوعة كاهن رعية مار  يوحنا الحبيب  -  يافة الناصرة

تُقدّم لنا الكنيسة الأم والمعلّمة في زمن الصوم العلاج اللطيف القائم على الصلاة والصدقة والصوم.

الصلاة
الصوم هو مناسبة لنكثف صلاتنا. إنّه الوقت المقدّس الذي ترحل فيه الكنيسة بكل أعضائها إلى الله الحياة، لتستقي منه الحياة

الصلاة هي حديثٌ إلى الله ونحنُ نحبه. بهذه الكلمات عرّف القديس شارل دو فوكو الصلاة. حديثٌ ننجذب فيه إلى الحبيب، وينجذب فيه الحبيب إلينا، فنمتلىءُ فرحاً وعزاءً.

عندما نكرَّس المزيد من الوقت للصلاة، نسمح لقلوبنا بأن تكتشف الحقيقة التي تُخلّص، وتنبذ الأكاذيب التي هي فينا ومن حولنا، تخدعنا وتوهمنا بأننا نسير في الحقّ ونحن لسنا كذلك. في الصلاة نجد عزاءنا في الله. فهو أبانا ويريد لنا الحياة.

الصدقة
عندما نمارس الصدقة نتحرّر من الغرور. لِماذا؟ لأننا نتوقف عن أن نكون لأنفسنا وحسب، بل أن نُشارك الخير الذي هو في عهدتنا مع من يحقّ لهم. نعم، عندما نتصدّق مما معنا نسمح لله بأن يُحقّق عدالته الإجتماعية من خلالنا، هو مالك ومانح كلّ خيرات الأرض.

تجعلنا الصدقة نكتشف بأنّ الآخر هو أخ لنا، وأن ما نملكه ليس أبدًا ملكًا لنا وحدنا. أن تتحوّل الصدقة عند الجميع إلى "نمط حياة حقيقيّ"! على غرار ما كان يفعله الرسل والكنيسة الأولى (۲ قور ۸: ١۰).

هذا يعني أن الصدقة تأخُذُ حيّزاً مُهماً من حياة المسيحي، إذ بدونها، وبدون تحرّك الأحشاء محبّةً تجاه الإخوة، لا يُمكننا التحدّث عن إيمان حقيقي، لأنَّ الإيمان يكشف عن ذاته في أعمال المحبّة والرحمة، وكلّ ما هو دون ذلِك كّذبٌ وضلال.

كلّ صدقة هي فرصة للمشاركة في عناية الله تجاه أبنائه؛ والله الذي يستخدمني اليوم ليساعد أخًا ما، سيستخدم أخي غداً ليوفر من خلاله احتياجاتي، هو الذي لا شيء يفوقُ سخاءَه، كما يقول البابا فرنسيس.

الصوم
عندما نُمارس الصوم يخفِّف الصومُ من عنفنا، ويجرّدنا من أسلحتنا، أي من العُجب بالنفس والإعتداد بالذّات والإتكال على الخيرات التي بين أيدينا. في هذا الوقت بالذات، نرضى بأن يكون الله قوتنا وكلّ شيء في حياتنا، وهذا ما يشكّل لنا فرصةً نموٍّ مهمّة في الروح، لأنّه يسمح لنا، من جهة، بأن نختبر ما يشعر به أولئك الذين يفتقرون حتى لما هو ضروريّ ويعيشون معاناة الجوع اليوميّة؛ يعبّر، ومن جهة أخرى، بأن نُعبّر عن جوعنا الشديد إلى لله وحاجتنا إليه، هو الصالح الذي منه كلُّ صلاح

إنَّ الصوم يوقظنا، ويجعلنا أكثر تنبهًا لله والقريب، وأكثر حساسية تجاه الشر الذي يُهددنا جميعاً. فلنُقبل إليه كلّنا بروح المسيحيين المتواضعين، من دون أن نتلهّى بأسئلةٍ سطحية لا تصل بِنا إلى العمق: ماذا نأكل...ماذا نشرب... ولنقبل من الرب ما يُريده لنا، لتعود المحبة من جديد إلى قلوبنا التائبة فتشعلها وتحرق بلهيبها كلّ عنف وقساوة وحقدٍ وشرّ.

 

قُد خُطانا يا رب في هذا الصوم المبارك إلى كامل المحبّة، فُنحبُّك، ونُحبّ الآخرين لأجلِك.