أنت هنا

تاريخ النشر: 
الأحد, مارس 1, 2020 - 20:57

ماذا يقول البابا فرنسيس عن "المرارة"؟

تيلي لوميار/ نورسات

ترأّس نائب البابا فرنسيس العامّ على أبرشيّة روما الكاردينال أنجيلو دي دوناتيس، في بداية زمن الصّوم، رتبة التّوبة في كاتدرائيّة القدّيس يوحنّا اللّاتيران- روما، بحضور كهنة الأبرشيّة، لتعذّر حضور البابا بسبب إصابته بوعكة صحّيّة طفيفة، وفق ما نقلت "فاتيكان نيوز" عن مدير دار الصّحافة التّابعة للكرسّي الرّسوليّ ماتيو بروني.

وللمناسبة، وجّه البابا كلمة إلى الكهنة تلاها دوناتيس، وتوقّف فيها عند المرارة الّتي يمكن أن تصيب علاقة الكاهن مع الإيمان والأسقف والأخوة الكهنة، قال: "إنّ مواجهة هذه المرارة تسمح للكاهن بالاتّصال بطبيعته البشريّة فيدرك أنّه ليس مدعوًّا للتّسلّط على الآخرين بل إنّه رجل خاطئ غُفر له وأُرسل إلى الآخرين. إنّ المرارة الّتي يشعر بها الكاهن يمكن أن تنبع من الآمال الّتي باءت بالخيبة، ومن هذا المنطلق لا بدّ أن نتساءل ما إذا كان الرّبّ خيّب آمالنا أم أنّ ذلك جاء نتيجة لتطلّعاتنا الشّخصيّة؟ إنّ الرّجاء المسيحيّ لا يخيّب ولا يفشل أبدًا. والرّجاء لا يعني أن نقنع ذواتنا بأنّ كلّ شيء سيكون على ما يرام، بل أن نعلم أنّ كلّ شيء يحصل لديه مغزى في ضوء الفصح. والرّجاء يتطلّب منّا أن نعيش حياة مطبوعة بالصّلاة، وهكذا نتمكّن من التّمييز بين التّطلّعات والرّجاء.

كما أنّ العلاقة مع الله يمكن أن تشكّل سببًا للمرارة، عندما يبدو لنا أنّه لا يحترم تطلّعات حياة مفعمة بالزّخم اختبرناها يوم سيامتنا الكهنوتيّة. وهذا الأمر قد يولّد الاستياء والإحباط في حياة الكاهن. لكن لا بدّ أن ندرك أنّ ثمّة فرق بين التّطلّعات والرّجاء الّذي ينبع من القلب عندما يقرّر عدم الدّفاع عن ذاته، عندما يعترف الإنسان بمحدوديّته، ويدرك أنّه ليس البداية والنّهاية، فيعي أهمّيّة الثّقة بالآخر. ومن هذا المنطلق لا بدّ أن ننظر إلى قصّتنا وحياتنا في ضوء كلمة الله على غرار تلميذي عمّاوس اللّذين تخطّيا الخيبة عندما فتح الرّبّ القائم من الموت ذهنيهما على فهم الكتابات المقدّسة. إنّ الأمور تتحسّن بالنّسبة للكهنة عندما تعزّيهم كلمة الله، لا عندما يتغيّر الرّئيس العامّ، أو تتغيّر رسالتهم أو استراتيجيّاتهم.

إنّ الشّعور بالمرارة ليس ذنبًا بل على العكس يمكن أن يكون أمرًا مفيدًا لأنّه يدقّ ناقوس الخطر داخل الإنسان ويحذّره من مغبّة التّحوّل إلى شخص جاهل وقاسي القلب. وقد اختبر هذا الشّعورَ أيضًا القدّيس فرنسيس الأسيزيّ لكن سرعان ما تحوّلت المرارة إلى عذوبة رائعة، فيما تتحوّل العذوبة الدّنيويّة إلى مرارة في غالب الأحيان".  

هذا وتوقّف الأب الأقدس عند مسبّبات أخرى للمرارة ومن بينها المشاكل الّتي يمكن أن تطرأ على علاقة الكاهن مع أسقفه والأخوة الكهنة، وعند الاختلاف القائم بين الانعزال والوحدة. وحذّر من "مغبّة أن ينعزل الكاهن عن النّعمة، فيشعر أنّ عالم النعمة بات غريبًا عنه وأنّ القدّيسين ليسوا إلّا "أصدقاء وهميّين" وحسب.

إنّ هذه العزلة تولّد عجزًا عن إقامة علاقات ثقة ومقاسمة إنجيليّة مع الآخرين، وإنّ إبليس لا يريد من الكاهن أن يتكلّم ويتقاسم ما لديه".

وفي الختام شجّع البابا كهنة روما على الصّلاة إلى الله، طالبين منه أن يحوّل مرارتهم إلى عذوبة.